بقلم: د. جابر قميحة
كتبتُ من قبل عددًا من المقالات عن الشيخ سيد طنطاوي، الشهير بالإمام الأكبر، ومما كتبته بالنص: أقسم أن الشيخ سيد "الأكبر" سيحرز ثوابًا جزيلاً- دون أن يقصد-؛ لأنني كلما سمعته، أو شاهدته في القنوات التلفازية ترحمت في صدقٍ وحرارةٍ على كل شيوخ الأزهر السابقين.
وفي الأسبوع الماضي كان فضيلته يزور أحد المعاهد الأزهرية، فرأى طفلةً في الصف الأول الإعدادي وعلى وجهها النقاب، فهاج وماج، وأمرها بخلع النقاب، ووجَّه إليها- في حدة- كلمات لا تصدر من شيخٍ مثله، أو أقل منه مستوى، وسخر من الطفلة بعد أن أرغمها على خلع النقاب وقال: "لما أنتِ كده أُمال لو كنت جميلة شوية كنت عملتي إيه؟". وجاء كذلك في كلامه: "إن النقاب لا علاقةَ له بالإسلام، وأنا أفهم في الدين أكثر منكِ ومن اللي خلفوكي".
ورأيته بعد ذلك في إحدى القنوات الفضائية، وقد حمل عددًا من المراجع يقرأ منها ليثبت أن النقاب ليس بفريضة، وعلى هذا إجماع كل الفقهاء.
وأمام هذه الوقعة المخزية من حقي أن أُسجل الملاحظات الآتية:
1- كان الشيخ فظًّا غليظَ القلب في تعامله مع هذه الطفلة، كأنه يجهل قول الله سبحانه وتعالى: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ﴾ (آل عمران: من الآية 159)، وكأنه لم يقرأ قوله تعالى: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (128)﴾ (التوبة)، وكأنه لم يقرأ قوله تعالى: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (125)﴾ (النحل)، وكأنَّه لم يسمع قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "مَن لا يَرحم لا يُرحم".
2- تصرف الشيخ يشي بأنه يجهل- أو تجاهل- منهج النبي صلى الله عليه وسلم في التحدث عن أخطاء الآخرين بجملته المشهورة "ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا"، ومن أدبه أنه لم يكن يواجه المخطئ بخطئه.
3- قول الشيخ: "أنا أعرف في الدين أكتر منك ومن اللي خلفوكي".. مثقل بعيبين مخزيين هما:
أ- سوقية التعبير؛ فهي عبارة لا يستعملها- وأمثالها- إلا الطبقة الشعبية الساقطة.
ب- لا يُشرِّف الشيخ سيد أن يضع نفسه في موضع الموازنة في العلم والدين بينه من ناحية
وبين "الطفلة البريئة.. واللي خلفوها"، وطبعًا الشيخ سيد لا يعرف أن هناك شاعرًا عربيًّا يقول:
ألم ترَ أن السيفَ ينقص قدرُهُ إذا قيل إن السيفَ أمْضَى من العصا
4- وللعلم نقول: إن مسألة النقاب مسألة خلافية، فهناك مَن خالف هذا الإجماع الذي طرحه الشيخ سيد.
5- وياليت الشيخ سيد حوَّل حملته على ما يعرضه التلفاز بقنواته المختلفة من مشاهد فاضحة، وملابس أقرب إلى التعري.
6- ويا ليته وجَّه همه إلى إثارة مشاعر المسلمين من أجل الأقصى الذبيح، ولكن يظهر أننا نطلب منه المستحيل.
*****
ولكن السؤال الذي يفرض نفسه علينا مؤداه: هل هذا التصرف الذميم من الشيخ سيد يُستغرب منه؟ ونقول إن صحيفة أحوال الرجل تنفي كل استغراب؛ لأن هذا السلوك يتسق مع آرائه وفتاواه وسلوكياته، فلنعش مع صحيفة أحواله في قليل من "سقوطاته السابقة" بادئين بلقائه العاشق الولهان بالسفاح بيريز.
فبعد هذا اللقاء الحميمي بين الشيخ والسفاح، كتب الأستاذ فهمي هويدي مقالاً مما جاء فيه:".. مشكلة الرجل أيضًا أنه يتصرف باعتباره موظفًا حكوميًّا بدرجة إمام أكبر، ولا فرق بينه وبين أي ملازم أول أو حتى فريق أول، وحين قال المتحدثون باسمه إن الرئيس مبارك يصافح بيريز وأمثاله وإن شيخ الأزهر حذا حذوه، فإنهم لم يدركوا الفرق بين الاثنين، فالرئيس مبارك قد تكون له ضروراته باعتباره رئيس دولة وقَّعت اتفاقًا مع "إسرائيل"، في حين أن شيخ الأزهر له خياراته التي لا تُلزمه بما يلزم الرئيس. ثم إن الرئيس مبارك رمز مصري لا تتجاوز سلطته حدود البلاد، أما شيخ الأزهر فهو رمز إسلامي يفترض أن يمتد سلطانه بامتداد العالم الاسلامي..".
*****
وفي أهرام الجمعة 9/8/2002م يسأل صحفي الشيخ سيد طنطاوي عن رأي الدين في إقامة التماثيل للزعماء، وخصوصًا الزعماء المصريين الثلاثة، فكان نص إجابته "إقامة التماثيل للزعماء عادة لبعض الأمم، وإن كانت إقامة تماثيل لهم لا تؤدي إلي ما يمس العقيدة من إخلاص العبادة لله وحده, فلا بأس من إقامتها، ولا حرمة في ذلك كلونٍ من ألوان تكريم هؤلاء الزعماء الذين أدوا خدمات جليلة لأمتهم؛ لأن رؤية تماثيل هؤلاء الزعماء في كل وقتٍ قد تؤدي إلى الاقتداء بهم في أن يؤدي كل إنسانٍ رسالته بأمانة واستقامة وشرف".
ويسأله الصحفي: وهل إقامة التماثيل بهذا المعني الطيب لا تكون إلا بعد الرحيل؟ وكان جواب الشيخ: "مع أن هذا الذي جري عليه العرف إلا أنه لا فرقَ بين أن تُقام هذه التماثيل للزعماء وهم في حياتهم, وبين أن تقام بعد فراقهم, فالعبرة بما تنطوي عليه من حكمة".
*****
ولا أناقش مسألة إقامة التماثيل من الناحية الفقهية، وأترك هذا لمَن هم أفقه مني، ولكني أكتفي بما يعنُّ لي من ملاحظات وتساؤلات تجاه هذه "الفتوى" الغريبة:
1- أباح الشيخ إقامة هذه التماثيل أخذًا بالعرف الذي جرت عليه بعض الأمم. ولكن هل يلزمنا مثل هذا العُرف؟ وأنت تعلم- يا شيخ سيد- أن من الأعراف ما هو صالح, وما هو فاسد.
2 - يظهر أن الشيخ طنطاوي لم يكن مخلصًا مائة في المائة لهذا العرف, فنقضه في شريحة مهمة من شرائحه: فالعرف قد جري- باطراد- على ألا تُقام التماثيل إلا بعد انتقال أصحابها إلى العالم الآخر, لكنه- لسببٍ في نفس الشيخ- أباح أن تُقام التماثيل للزعماء في حياتهم، ونسي الشيخ أن البشر يتغيرون ويتحولون، ولكن الحكم الحاسم- أو شبه الحاسم- لا يكون عليهم إلا بعد وفاتهم، لذلك قيل "المعاصرة حجاب".
3- وهل الاقتداء بالزعيم- يا شيخ سيد- يتم بالنظر إلى تمثاله؟ هل النظر إلى تمثال طلعت حرب يدفع إلى العمل على النهوض بالاقتصاد القومي؟ وهل النظر إلى تمثال عرابي هو الذي يدفعنا إلى رفض "العبودية"؟.. إن معايشة تاريخ الشخصية, وقراءة سيرتها, وتلمس ما فيها من دورس وعبر، كل أولئك هو مصدر الاقتداء لا النظر إلى التمثال.
4- ومن هؤلاء الزعماء من جرَّ الخراب والهزائم على أمته, وعرف الشعب في عهده ألوان الذل والقهر والدكتاتورية, وألقى بعشرات الألوف في غيابة السجون والمعتقلات؛ حيث القتل والتعذيب, وهتك أعراض النساء والرجال, ومنهم علماء أفاضل, فكيف أدفع من قوتي وقوت أولادي ما يُساهم في إقامة تمثال لمثل هذا الزعيم؟
5- وما دام الشيخ "سيد طنطاوي" مقتنعًا بفتواه فلماذا لا يتبنى عمليًّا الدعوة إلى إقامة تماثيل لأصحاب الزعامة والقيادة والتفوق في كل المجالات, ومنهم شيوخ الأزهر, وأبرز علمائه- وهو منهم- وتقام هذه التماثيل في القاهرة لتصبح مدينة "الألف تمثال", بعد أن اشتهرت بأنها مدينة "الألف مئذنة"، علمًا بأن إقامة التمثال الواحد يكلف الدولة ما لا يقل عن 15 مليونًا من الجنيهات؟!!.
*****
ويستضيفه تلفازيًا الصحفي "الروزليوسفي" كرم جبر ويسأله عن فوائد البنوك فيجيبه: "حلال.. حلال.. حلال.. حلال"، ويتخذ من نفسه ومن تجربته الخاصة تبريرًا، ودليلاً على الحل فيقول: أنا مثلاً اشتغلت أستاذًا في السعودية كنت أتقاضى 17 ألف ريال، جمعت هذه الثروة وحطيتها في البنك، وحتى الآن بنأكل أنا وأسرتي من ريعها، ثم ترتفع نبرة صوته ويتساءل مستنكرًا: الله!! "رزج"- يقصد رزق- بعتهولي ربنا أرفضه؟!. وأعتقد أن منطق الشيخ سيد لا يحتاج إلى تعليق.
*****
وأعود للشيخ سيد الذي هو شيخ الأزهر فنراه يضم إلى أمجاده السابقة مجدًا جديدًا، فحينما أصدرت لجنة الفتوى بيانًا قضت فيه بحرمة التعامل مع مجلس الحكم العراقي الذي عينه الأمريكان أعداء الإسلام والعروبة يقف في وجه هذه الفتوى ويصفها بأنها رأي شخصي اتسم بالرعونة والتسرع، وأن الأزهر لا علاقةَ له بما يدور في العراق، وأن علماء العراق هم الأعلم بواقع وطنهم، ومن ثَمَّ فهم الأحق والأجدر بالإفتاء في هذه الأمور، أما دور الأزهر فيقتصر على مصر فقط، ولا علاقةَ له بما يدور خارجها.
إنها دعوة "طنطاوية"- بل قرار- بتمصير الأزهر، وهذ ما لم يقل به أحدٌ حتى من أعداء الأزهر، على مدار التاريخ كله، وأنا أطالب كبار علماء الأزهر بعقد محاكمة علنية لهذا الرجل يقرر فيها شجب هذا الرأي الشاذ، وعزل هذا الرجل من منصبه، وانتخاب شيخ جديد جدير بقيادة هذه المؤسسة العالمية حتى لو لم تستجب لذلك الحكومة المباركية؛ لأن تمصير الأزهر وتحجيمه يترتب عليه تحويل الأزهر إلى مدرسة خاصة وعزله عن المسلمين في شتى أنحاء الأرض، وهذا أقصى ما يتمناه الأمريكان والصهاينة والملاحدة في كل مكان.
*****
وسقطة أخرى من سقطات الشيخ: فقد نشر يوم 28 من أغسطس 2009م في صحيفة (الأسبوع) نص لقاء بين الشيخ والصحفية "سناء السعيد".
سألته الصحفية: كيف يمكننا الدفاع عن المسجد الأقصى؟
قال الشيخ سيد: بالنهي عما تقوم به إسرائيل، فإذا لم يُجدِ هذا فليس هناك مفر من القتال ذودًا عن المسجد الأقصى، إذا جاء مَن يهدم بيتي فسأدافع عنه وأقتل من أجله إلى أن أموت، ومن ثم لن يكون أمامنا إلا القتال، فلا فائدةَ هنا من الصوت الزاعق والصياح والتبكيت والقول إن العالم العربي يلتزم الصمت هذا كله لن يجدي.
سألته الصحفية: ما معنى هذا؟
قال الشيخ سيد: علينا تفعيل اعتراضنا على ما يحدث على يد إسرائيل من خلال العمل على أرض الواقع، فلا مفر إذن من القتال، ومن يتحدث عن الصمت هنا يجب أن يكون في طليعة من يواجه الاحتلال الذي يهدد المسجد الأقصي بالهدم، واسأل ما الذي يمكن للعالم العربي فعله؟ إنني أؤمن بعقيدة دفاع المرء عن أرضه ومقدساته، فإذا أرادت إسرائيل المسجد الأقصى بسوء فيجب عندئذٍ أن يتصدى لها الفلسطينيون وهم كثر وقادرون على مواجهتها، يظل واجبًا عليهم الذود عن أرضهم ومقدساتهم، وعليهم مجابهة إسرائيل فإن ماتوا يأتي غيرهم ويقاتلون في سبيل حماية مقدساتهم وأرضهم.
سألته الصحفية: ألا يمكن للعالم العربي ممارسة الضغط لكي تتراجع إسرائيل عما هي بصدده؟قال الشيخ سيد: أي ضغط؟ ليس هناك اليوم مَن يلتفت إلى الضغط،، واحد جاي يهدم بيتي فماذا أفعل؟ يتعين على مَن في البيت والحي أن يهبوا لمنع الهدم ومقاومة الهادم. أما الحديث عن صمت القاعدين فهذا لن يجدي ولن يغير من واقع ما يحدث.
وقبل الهبَّة العربية الإسلامية يجب أن تكون هناك هبَّة فلسطينية لكبح جماح إسرائيل.. الأولوية في التصدي يجب أن تكون للفلسطينيين ذودًا عن حرمة المكان وبترًا ليد إسرائيل. يجب على الفلسطيني أن يموت قبل أن تصل إسرائيل إلى تحقيق مبتغاها، هذا هو العلاج، أما الصراخ والتعويل على الآخر فلن يجدي أن يستصرخ المرء ويقول أدركوني، لا أحد يدرك أحدًا.
*****
وتتلخص رؤية الشيخ الأكبر في النقاط الآتية:
1- الإيمان بمحلية الموقع، وهو المسجد الأقصى، وكأنه يهم الفلسطينيين دون غيرهم.
2- في كلام الشيخ كثير من السطحية، وإلا فما معنى: يدافع عنه الفلسطينيون، فإذا ماتوا يأتي غيرهم للدفاع عن بيتهم. وكأن الفلسطينيين لم ينفردوا من قبل في الدفاع عن غزة، واستشهد منهم الآلاف، وصمدوا إلى النهاية بعد أن دُمرت غزة عن آخرها.
3- ومنطق الشيخ سيد يعكس مسايرة للنظام الذي يحكم مصرنا الحبيبة، ولا يملك الطاقة الحربية العملية التي يوقف بها الصهاينة الكلاب عند حدهم، فهم يرون، ويقررون، وينفذون، ويعربدون، وكأن مصر والبلاد العربية الأخرى لا وجودَ لها، وإن كانت موجودة فليس لها حساب، حتى امتدت يدهم الطولى إلى منابع النيل، وغدًا نسمع ما هو أعتى وأغرب.
4- ورأي الشيخ سيد في محلية الدفاع عن المسجد الأقصى يعد نقيضًا غريبًا لإجماع الفقهاء الذين أكدوا أن الجهاد في مثل هذا الظرف يكون فرض عين لا فرض كفاية، وممن ذكروا هذا: ابن الهمام في فتح القدير، وابن نجيم في البحر الرائق، وقد فصلنا القول في ذلك في مقال طويل سابق.
ومشهور زحف المعتصم بجيوشه لإنقاذ أسيرة مسلمة لطمها هرقل الروم، فصرخت صرختها المدوية: وا معتصماه.
وأهدي الشيخ الأكبر الوقعة التالية التي جاءت على لسان أحد تجار المسلمين:
"دخلتُ القسطنطينية تاجرًا في عهد عمر بن عبد العزيز، فأخذت أطوف في بعض سككها حتى انتهى بي المطاف إلى فناء واسع، رأيت فيه رجلاً أعمى، يدير الرحى وهو يقرأ القرآن، فعجبت في نفسي، في القسطنطينية رجل أعمى يتكلم العربية، ويدير الرحى، ويقرأ القرآن!! إنه لنبأ!!، فدنوت منه وسلمت عليه بالعربية، فرد السلام، فقلت: مَن أنت يرحمك الله؟ ما نبؤك؟ فقال: أسير من المسلمين أسرني هذا الرومي، وعاد بي إلى بلده، ففقأ عيني، وجعلني هكذا أدير الرحى، حتى يأتي أمر الله. فسألته عن اسمه وبلده وقبيلته ونسبه.
وما كان لي من عمل حين عدت قبل أن طرقت باب أمير المؤمنين، وأخبرته الخبر، فاحتقن وجهه، واحتدم غضبًا، ودعا بدواة، وكتب إلى ملك الروم: "قد بلغني من الآن كذا وكذا، وإنكم بذلك قد نقضتم ما بيننا وبينكم من عهد: أن تسلموا كل أسير من المسلمين. فوالله الذي لا إله إلا هو لئن لم ترسل إليَّ بهذا الأسير لأبعثن إليك بجنود يكون أولها عندك، وآخرها عندي".
ودعا برسول فسلمه الكتاب، وأمره ألا يضيع وقتًا في غير ضرورة حتى يصل، ودخل الرسول على ملك الروم، وسلمه الكتاب، فاصفر وجهه، وأقسم أنه ما علم من أمر هذا الأسير شيئًا.وقال: لا نكلف الرجل الصالح عناء الحرب، ولكننا نبعث إليه بأسيره معززًا مكرمًا. وقد كان".
*****
وأسهل شيء عند الشيخ سيد هو "الإحالة" أو التحويل، وأخشى أن أسأله عن رأي الدين فيمن يلقون في السجون بالآلاف دون ذنب جنوه، وبما يفعله "زوار الفجر"، فيأتي جوابه: هذه مسائل تتعلق بسياسة الدولة، وهي أدرى منا بما ينفع الشعب أو يضره.
وأعرض عليه الخبر التالي الذي نشرته (الأهرام) في صفحتها الأولى: 250 ألف دولار تعويضًا لمصري من مكتب المباحث الفيدرالية أعلنت السلطات القضائية الأمريكية أمس أن مكتب المباحث الفيدرالية إف. بي. آي دفع250 ألف دولار لمواطن مصري اسمه عبد الله حجازي, كانت, السلطات الأمريكية قد اعتقلته لمدة 34 يومًا للاشتباه في تورطه في هجمات11 سبتمبر الإرهابية التي استهدفت نيويورك وواشنطن عام2001.
وكانت السلطات التابعة قد اعتقلت حجازي بعد أن عثروا على جهاز اتصال لاسلكي يستخدمه الطيارون في غرفته بأحد الفنادق المطلة على مبنى مركز التجارة العالمي الذي دُمِّر. (الأهرام 26/9/2009م).
وأسأله: مواطن يا شيخ سيد سُجن ظلما لمدة 34 يومًا، يعوض عن فقد حريته هذه الأيام القليلة بربع مليون دولار، فهل يمكن أن يقاس على ذلك إجبار الدولة على تعويض مظلومين معتقلين من سنواتٍ دون تهمة محددة؟
أعتقد أن جواب الشيخ سيد.. الإمام "الأكبر" لن يكون أكثر من قوله: نحن لا نتمثل بالآخرين من هؤلاء أو غيرهم، ولا نملك أن نفتي في مثل هذه المسائل لأنها ليست من اختصاصنا، بل هي من اختصاص الدولة، وهي أدرى بمصلحة شعبها (!!!!!!).
0 Comments:
Post a Comment